مقاطعة الانتخابات صفعة ذاتية داويه بقلم: د. رضوان منصور
مقاطعة الانتخابات صفعة ذاتية داويه
بقلم: د. رضوان منصور
سبق وتم طرح اهمية المساهمة في عملية الاقتراع لإحداث ولو تغير ما، في وضعية المجتمع الذي لا يحمل القومية اليهودية في اسرائيل. اليوم وقبيل ايام معدودة ولربما ساعات من الانتخابات سوف اتطرق الى الاخطار التي قد تنجم من عدم المشاركة الفعالة والخروج الى الاقتراع لا سيما الحالية.
ان كل من يعي ويتابع المسارات والاحداث التي حدثت عبر السنين في دولة اسرائيل بكل ما يتعلق بالأقليات وسياسة حكوماتها اتجاههم، يفهم ويرى ان سياسة خنق رقعة نفوذ القرى غير اليهودية والحد من توسعها كانت وما زالت قيد التنفيذ على العلن او في السر والخفاء. محاوﻻت لتسفير غير اليهود، دعمها وتشجيعها غير المباشر كان ومازال مستمراً حتى انه كان اجندة مُعلنة لدى بعض السياسيين والاحزاب امثال رحبعام غاندي وحزب تْسُومِتْ. مروراً في الآونة الاخيرة بزرع بذور العنصرية “القانونية” المُمَثلة بقانون القومية الهادف الى تطبيع دولة اسرائيل كيهودية وكأنها لم تحمل هذا الطابع!؟ سن قانون كامينتس تحت غطاء وبحجة احداث تنظيم البناء في الوسط غير اليهودي. الا ان الاهداف الخفية وغير المُعْلَنَةِ هي تجريد الحقوق وتصعيد الصعوبات المعيشية والسعي الى التسفير الصامت والزاحف لغير اليهود.
هذا الواقع المر يعود بنا الى ذاكرة الادارة المدنية والخروج من القرى بإذن ضابط عسكري، ونذكر التعينات “الشباكية” الاستخباراتية في المكاتب الحكومية، سيما في جهاز التعليم وفي مسار الإتحاف بالجامعات … اشرطة سينمائية وسناريوهات من واقع قد مر به الوسط غير اليهودي…
والماضي والحاضر ينبآن المستقبل فبهمة حكومة نتنياهو ـ بن غبيرـ سموترتش قد تعود على ذاتها هذه الاخطار وقد تلبس الواناٍ اخرى كشكل تصرف المستوطنين المتطرفين الاليم والمتعسف في الضفة الغربية في نطاق دولة اسرائيل فقد شوهدت باصات المليشيات المتطرفة تصل الى اللد لزيادة لهبات النار ولزيادة اضرامها وفي نقاط الاحتكاك وفي الاماكن المقدسة كفعل المتطرفين المتدينين في مقام سيدنا شعيب (ع) في الآونة الاخيرة.. والمنبهات والمؤشرات كثيرة…
هذا التنبؤ حتمي فيما لو شُكلت حكومة المتطرفين الكهانيين وهي قابلة للتشكيل حين تزيد نسبة التصويت لدى الاحزاب اليمينية المتطرفة وتخرج للاقتراع باسرابها وبالمقابل حين تقل نسبة الاقتراع لدى المواطنين المعتدلين المتعقلين بغض النظر عن توجههم السياسية، يمينية متعقلة ام وسطى او يسارية صهيونية كانت ام لا.
حكومة متطرفة من هذه النوعية تضع بن غبير وسموترتش في مواقع قرار وزارية يصعب رسنها وردعها عن مُخططها فخطواتهم الاولى على ما يظهر تكون محاولة “خصي” السلطة القضائية من قوتها كسلطة موازنة والمس بصلاحياتها كي يجعلاها خادم ووسيلة لسياستهم..
هاكم ألوان وصبغات قد تلبسها سياسة الحكومة الكهانية المتطرفة في بعض سيناريوهات ممكنة: الاستمرار بالتغاضي عن تفشي الاجرام والعنف في رحاب المجتمع العربي وغير اليهودي ككل، بما معناه سياسة “دعوهم يقتلوا بعضهم بعضا”، الى جانب اتخاذ خطوات لحماية المجتمع اليهودي كي لا يصل اليه الاجرام والعنف. في الماضي البعيد كانت اداة فرض منع التجول الليلي قيد الاستعمال وقد تلبس اليوم اشكالاً اخرى. ويردُ في الحسبان استعمال اداة الاعتقالات الادارية وايجاد الصيغة القانونية لها. وقد يتم استعمال عقاب تسفيري متطرف مثل سلب المواطنة الاسرائيلية والتجريد منها. او حتى تلفيق تهم وخروقات امنية سيما في المعابر والحدود وما الى ذلك. اضافة الى سعيهم الى غسل دماغ الشارع الاسرائيلي من خلال خلق تصادم على خلفيات أيدولوجية في مناطق احتكاك لتعزيز الكراهية والاحقاد بالضرورة بين العرب واليهود او في اماكن مقدسة مثل مسجد الاقصى ، مقام سيدنا شعيب (ع) وغيرهم.
الانتخابات في هذه المرحلة تمثل صراع كياني، صراع بقاء ام تهميش وتشرذم، صراع بين الاعتدال والتطرف، صراع سياسي ذو صبغة كيانية “ان تكون ام ان لا تكون” على الساحة، على ارضك في ضمن دولة اسرائيل.
الحل هو منع تشكيل حكومة كهانية متطرفة والطريقة هي الخروج الى صناديق الاقتراع دون تردد وانتخاب من تشاؤون فرفع نسبة الاقتراع لدى المعتدلين والعقلانيين تقلص امكانية حصول المتطرفين على عدد كبير من المقاعد وبالتالي يصعب عليهم اقامة حكومتهم المتطرفة. اما المقاطعة والخطوات الاحتجاجية التي تدعم اللامبالاة والتقوقع فتضع المقاطعين والمحتجين ومجتمعهم في خانة هامشية وتحت الاسواط السياسية العنصرية.
اما المشاركة في التصويت فهي الضمانة الوحيدة لإمكانية اقامة وتشكيل حكومة معتدلة تخدم الموطنين ومصالح الدولة من دون ان تخدم نفسها وافرادها وسياستها العنصرية فقط.
فالحذر الحذر من مقاطعة الانتخابات كي لا نجني على أنفسنا بأنفسنا