اضمن
ادباصدارات جديدة

متنفَّس عبرَ القضبان (82) حسن عبادي/ حيفا

متنفَّس عبرَ القضبان (82)

حسن عبادي/ حيفا

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛

عقّب الشاعر هاني مصبح من غزة: “كل الاحترام والتقدير لجهودك الطيبة أستاذنا الرائع المحامي الحيفاوي حسن عبادي الإنسان الوطني العريق، أنت رائع ولقد استطعت رغم كل الازدحام أن تصنع لنفسك مكاناً يليق بك في سجل العظماء الخالدين حين تبنيت أنبل وأعظم وأعرق قضية فلسطينية، وهي قضية أسرانا الأبطال وبجهودك الطيبة بفكرة لكل أسير كتاب التي حولت الزنازين والسجون إلى منارات علمية وأدبية تجوب العالم معلنة عدالة قضيتنا الفلسطينية وقضية أسرانا الأبطال بفضل تلك الجهود باتت قضية الأسري أكثر وضوحا لكل أحرار العالم. شكرا من القلب لك أستاذنا الرائع والحرية كل الحرية لأسرانا الأبطال”.

وعقبّت الصديقة سهاد عبيدات (أخت الأسير سائد سلامة): “لسائد ومحمد الحرية الفيزيائية؛ لأنهم أحرار بعقولهم التي تجوب كل الثقافات والمعرفات من خلال وعيهم وقراءاتهم وإصداراتهم الأدبية، ولك أستاذ حسن كل المشاعر من تقدير واحترام؛ لأنك البوابة التي فتحت على كنوز دفينة في غياهب السجون المقيتة العنصرية والبغيضة فلولاك لما رأت هذه الإبداعات الحرية والنور”.

“45 دقيقة”

وصلت سجن عسقلان الساعة الثامنة والنصف صباح الاثنين 03 تموز، وجدت شاؤول السجّان بانتظاري ليخبرني أنّه تم نقل ثائر وعز الدين إلى سجن آخر، وفي غرفة المحامين أطلّ الأسير مراد محمد رضا أبو الرب [*] الذي التقيته للمرّة الأولى فبادر بتحيّتي بالاسم، وكأنّنا عِشرِة عمر، وأخبرني بأنّ إحساسه أعلمه أننا سنلتقي هذا الأسبوع.

تحدّثنا عن الحياة اليوميّة خلف القضبان، وظروف أسرى عسقلان (33 أسيراً، غالبيّتهم مرضى ووضعهم أصعب من أسرى “المراش”، فقط 5 أسرى دون أدوية، وعلى سبيل المثال؛ محمد براش يعاني من بتر رجله اليسرى إضافة لفقدانه النظر بشكل كامل في عينه اليمنى وتلف في قرنية عينه اليسرى وارتفاع الضغط والسكر، والأسير عثمان أبو خرج الذي تعرض لإهمال طبي نتاج خطأ طبي بعد أن زوده أطباء المعتقل بحقنة ملوّثة عام 2006 تسببت له حينها بالتهاب في الكبد، عدا مشاكل القلب التي يعاني منها)، نقل ثائر إلى سجن نفحة (بعد نقله التعسّفي من غرفة لأخرى، ومن ثَمّ إلى سجن آخر) ونقل عز الدين (“بطل التنقّلات”، الذي ما زال في الزنازين رافضاً نقله إلى سجن الجلبوع)، ووضع الحركة الأسيرة “المكركب”.

تناولنا مشروعه الأدبي والثقافي؛ تواصله مع الأصدقاء إبراهيم نصر الله، وواسيني الأعرج، وأيمن العتوم، وزياد جيوسي، ومخطوطته “45 دقيقة” التي تتناول زيارة الأسير؛ معاناته ومعاناة الأهل، تلك المعاناة التي تبدأ بالمنع الأمني، والتوتّر منذ لحظة الموافقة على الزيارة بعد طول انتظار ومعرفة موعدها والتحضيرات، ورحلة العذاب من حين الانطلاقة في الساعة الرابعة فجراً والعودة الساعة الثانية بعد منتصف الليل، والزجاج الصلف المقيت والسماعة الصمّاء، والانفعال ساعة اللقاء “مستحيل أبكي، سكّرتهن!”.

حدّثني عن رسوماته؛ يرسم بريشته لوحات فنيّة تمزج عشقه للتراب وللحريّة وتداولنا إمكانيّة معرض خاص به.

الفنان رائد القطناني يتابع الأمر من لوحة الغلاف ورسومات مرافقة وحلمه أن يتم الاشهار يوم 31.08.2023 – ذكرى اعتقاله، حفل عبر الزووم من قريته جلبون وغزة والجزائر.

حالة الطوارئ وصواريخ من غزة قطعت اللقاء في أوجه.

لك عزيزي مراد أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك من أسرى الحريّة.

حيفا/ تموز 2023

[*] الأسير مراد أبو الرب من مواليد 1980، أُعتقل يوم 31 آب 2006 حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه حكماً يقضي بالسجن مدة أربعة مؤبدات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock