لاجئ في دماء القمر / قصيدة
إبراهيم أبو عواد / شاعر من الأردن
وطني المحفورَ على قَفَصي الصدري
لماذا تقفز الذكرياتُ على رُموشي؟
أحْمِلُ تابوتَ الغابات في حقيبة سَفَري
فلا تسألي عَنِّي أيَّتُها الغُيومُ
قُولي للشمسِ إنَّ الغريب تزوَّجَ الغريبةَ في دَهشةِ الياقوتِ
وَحْدَها البُروقُ مَن سَتَرِثُ أمجادي الوهميَّةَ
ماتتْ عائلتي في الشَّفَقِ الدامي
وصارتْ قِطَطُ الشوارعِ عائلتي
فلا تَسأل أرشيفَ البُحَيرةِ العمياءِ
لماذا تتشمَّسُ بَين فِقراتِ ظَهْري الذئابُ الكريستاليةُ؟
أُذَوِّبُ أحزاني في فِنجانِ قَهوةٍ تشربه النُّسُورُ
لِكَي تأكلَ جُثَّتي بهدوء
أيُّها الفَيلسوفُ العائشُ في غُرف الفنادق المطليَّةِ البارودِ
تَحْمِلُ جُمْجُمَتَكَ في حقيبة السَّفَرِ
وتُصَادِقُ مَوْجَ الذاكرة
يَبكي القَمَرُ في أحضانِ الشمسِ
وتُفَصِّلُ أشجارُنا قُمصانَ الأسمنتِ
حَسَبَ خَجَلِ نُعوشنا
ونَدرس رُومانسيةَ الضحايا على ضَوء الشُّموع
أحزانُ القُرى بَصَمَاتُ الشُّطآنِ
على جثامينِ الرِّجالِ الحَزَانى
وجَسَدُ لُغةِ النارِ ذاكرةٌ لقصائد اليَمَامِ
وحيدٌ أنا في ذاكرةِ الفَيَضَانِ
يتيمٌ أنا في ذِكرياتِ البُروقِ
والطريقُ إلى قلبِ أُمِّي يمرُّ عَبر قبر أبي
وما زالت الذكرياتُ تسيرُ على لَحْمي حافيةً
إنَّني أفتح قَفَصي الصدريَّ للأمطارِ
كي تنامَ أدغالُ المجزرةِ في حَنجرتي
سيتذكرني المَوْجُ حِينَ يَمُوتُ البَحرُ على صدر الرمالِ
وهُناك
في ذاكرة الغُروبِ
حِصانٌ أعمى يُحَدِّقُ في عُيونِ فارسه المشلولِ
والأسماكُ تضع بُيُوضَها على نَصْلِ مِقْصَلَتي
دِمائي إشارةُ مُرور للنوارسِ
أرْمِي لَحْمَ الأنهارِ في الأدغالِ
وفي غاباتِ الدمعِ ترحلُ الدماءُ إلى الياقوت.