حنين كبير للتأليف المسرحي المثير
كتب مراسل خاص
أعربت المديرة العامة، حنين بشارات، عن رغبتها الجارفة في ظهور كُتّاب مسرحيين محليين دارسين، يعكسون في كتاباتهم المسرحية الهموم الحياتية اليومية، وما أكثرها، وذلك لفتا إليها وتمهيدًا لمواجهتها بقلوب متيقظة وعيون متبصرة، منوهةً الى ما عانى ويعاني منه مجتمعنا العربي في البلاد من مشاكل كبرت وكبرت حتى تحولت إلى آفات تقف في مقدّمتِها آفةُ العنف والجريمة الآخذة في الانتشار.. متفشية تفشي النار في الهشيم.
حنين بشارات من مواليد مدينة الناصرة عام 1981، عملت على نفسها، كما قالت في حديث أجريناه معها، فدرست العديد من المواضيع التربوية والإدارية، عملت في التوجيه المجموعاتي، كما عملت مدة سنوات في التعليم، تولّت قبل ستة أعوام إدارة مسرح الحنين النصراوي، وما زالت تعمل في وظيفتها هذه، باذلةً كلّ ما لديها من طاقات لتطوير المواهب الفنية المتوفرة لدينا بكثرة، كما تؤكد، وذلك تمهيدًا لتقديم أفضل ما لدينا، من إبداع يقف وراءه أناس ذوو معرفة وخبرة، وقد قدّم المسرح خلال تولّيها إدارته اثناء تلك السنوات، العديد من الاعمال المسرحية الملائمة لكل الأجيال، ولجميع افراد العائلة، كما عملت على التنشيط الثقافي والتربوي في المسرح الذي تديره، فأقامت الورشات اليومية لتعليم من يرغبون من الصغار في طرق أبواب المسرح وتعلم فنونه قصد السير في طريق التمثيل المسرحي المفيد والمسلّي، كما أقامت العديد من المشاريع ، منها ديوان مسرح الحنين لتنظيم الندوات والفعاليات الاثرائية في المجال الثقافي والادبي. لفت نظر حنين منذ بدايات وعيها الأولى، هي بالمناسبة كريمة مؤسس مسرح الحنين وصاحبه الفنان البارز الممثل العريق لطف نويصر، لفت نظرها أن المسرح العربي في بلادنا، عَمِلَ في الاغلب الاعم على تقديم مسرحيات من خارج البلاد، سواء من العالم العربي المحيط بنا أو من العالم الكبير في شتى بقاع العالم وأصقاعه، فقدّم أعمالًا من المسرح المصري والسوري مثل مسرحيات الكاتب المبدع الراحل سعد الله ونوس، أو الكاتب المصري المسرحي الراحل أيضا محمود دياب، أو من المسرح العالمي، وهنا تطول القائمة أكثر فمن الكاتب الفرنسي موليير إلى الكاتب اليوناني المبدع جورج تيوثكا، صاحب مسرحية جسر آرتا، أو الكاتب الروسي أنطون تشيخوف.
حنين لا ترى في تقديم مسرحيات عربية وأجنبية اية غضاضة، فهذا أمر مقبول ومحبّذ، وهو معمول به وممارس في شتى بقاع العالم ومسارحه، سواء كانت عربية أو أجنبية، غير أن السؤال الذي يُطرح في هذا السياق هو لماذا لا تأخذ المسرحيات المحلية نصيب الأسد فيما نعرضه من مسرحيات وأعمال فنية..، صحيح أننا شهدنا بين الحين والأخر نتاجًا مسرحيًا محلّيًا، غير أن هذا لم يُشكل بعد ظاهرة كما هو الامر عليه في العالمين العربي والاجنبي.
من هذا المنطلق بادرت حنين بعد فترة قصيرة من تولّيها الإدارة العملية والفنية لمسرح الحنين، إلى تعلُّم الكتابة القصصية، فتوجهت إلى ” دفيئة حكايات”، وهي من مشاريع مركز الكتاب والمكتبات، في البلاد، وشرعت في تعلُّم التأليف الفني القصصي القريب جدًا من التأليف المسرحي، على أيدٍ مهنية وذات خبرة، تذكر من معلميها كلًا من القاهرة عبد الحي، لؤي وتد والكاتب علاء حليحل. بعد انهائها التعلُّم في تلك الورشة، ووضعها هي وزملاؤها قِصصًا، تصلح أن تكون مسرحيات أيضًا، بادرت إدارة الورشة إلى اصدار كتاب ضمّ ما كتبه المشاركون فيها، وقد أقيمَ حفلُ إشهارٍ لهذا الكتاب الذي حمل عنوان “قصص وحكايا قبل النوم”، أثلج صدور الجميع في طليعتهم المشاركون في الورشة، وكان ذلك قبل عامين. القصة التي ضمّها هذا الكتاب لحنين حًملت عُنوان “سري وسحر بيا”، ودارت أحداثها حول طفل مُحبٍّ للموسيقى، يُقنع اعداءها وكارهيها ومدمري آلاتها بأنه محق في حُبّه هذا. إيمانُ هذا الطفل الرائع الذي يُدعى سرى _ الاسم مُناسب جدًا لمضمون القصة، فمن معاني السري السائر في آخر الليل. هذه القصة ما لبثت تُلح على صاحبتها حتى حوّلتها إلى مسرحية، يجري العمل على إنتاجها حاليًا، وسوف تكون هي النتاج الجديد لمسرح الحنين.
قامت حنين خلال فترة عملها بالتعاون مع طاقم مهني مؤهل، وما زالت تقوم، بإدخال كلِّ ما تراه مناسبًا وملائمًا لدفع حياتنا المسرحية والثقافية عامة إلى الامام، وبرز من بين مُبادراتِها في هذا السياق تنظيم مسرحها لورشات كتابة مسرحية مهنية، تساهم في إنشاء جيل من الكُتّاب المسرحيين المحليين، واختارت للتعليم في هذه الورشات الفنان المخرج المسرحي بشّار مُرقص: ” بشّار فنّان مُبدع يُعطي من قلبه وروحه ومخزونه المهني المُجرِّب الكثير”، تقول حنين وتضيف” هو فنان حقيقي يؤمن بالعمل أكثر من أي شيء آخر”. يتعلّم حاليًا في تلك الورشة التي تتواصل عبر أحد عشر لقاءً، تسعةُ مشاركين.. تأمل حنين في أن يُصبحوا مجتمعين كتابًا مسرحيين يلفتون النظر ويقدّمون مسرحيات تعكس مشاكلنا وقضايانا في عُمقها السحيق، وتدفع بالتالي مشاهديها من كبار وصغار أيضا، إلى تبنّي ما تطرحه من أسئلة تمهيدًا للتغيُّر والارتقاء المنشود.