بالفيديو: تشييع جثمان الشيخ الكاتب المرحوم أبو الصافي جمال منصور 16/4/2023
بالفيديو: تشييع جثمان الشيخ الكاتب المرحوم أبو الصافي جمال منصور 16/4/2023
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ، الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، الذي له العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت.
بقلوب يعتصرها الألم، ونفوس مفعمة بالحزن استقبلنا نبأ رحيل العم الشيخ والكاتب أبي الصافي جمال منصور.
أقول العم، إذ لحسن حظي أنني تعرفت عليه قبل سنوات فكان يكبرني سنا وقدرا وتجربة، فتعلمت منه التواضع وبحث الأمور بروية وتعقل، وإدراك الجوهر والتخلي عن القشور.
وأقول الشيخ فقد عرفت فيه الشيخ الحقيقي التقي النقي، ولكن غير المتعصب، غير المتزمت، الشيخ المنفتح على العالم، العالم المدرك لتطورات العصر، وأهمية العلم ووجوب تفهم التغييرات الحاصلة في المجتمع. وأقول الكاتب حيث رافقت مسيرة كتاباته المتنوعة سنوات طويلة، بداية بنشر مقالاته الجذابة الشائقة في جريدة الحديث، ثم بإصدار كتابه الرائع الفريد من نوعه “ذكريات عائد من أفريقيا” الذي نقل لنا فيه تجاربه العديدة في الغربة بين قبائل في أفريقيا كانت بدائية همجية في ذلك الوقت. وكيف حافظ على نفسه أمام إغراءات الحياة والمؤامرات والمصاعب هناك، ثم رافقتُه بمقالاته حول ذكرياته في بيت والده الشيخ أبي كمال نجيب منصور رحمه الله، ومقالات أخرى اجتماعية هادفة بناءة أتحفنا بها ليواصل نشرها في جريدة الحديث، فكنا نعتز ونفتخر بمقالاته الرائعة البناءة، وقبل أسابيع أخبرني أنه يحضر مجموعة مقالات أخرى لإصدارها في كتاب جديد. ولكن للأسف عندما تنطلق سهام القدر فلا راد لها، وأملي أن نحقق له حلمه هذا حتى بعد رحيله بهمة نجله الأخ صافي وكريماته المصونات، لما في هذه المقالات من فائدة ومتعة وأهمية تراثية تاريخية كبيرة للمجتمع عامة.
وفي هذا المقام ونحن نتحدث عن كتاباته لا بد من كلمة مختصرة حول أسلوبه في الكتابة، حيث اعتمد الراحل الكريم أسلوب التشويق بلغة سليمة، وأحيانا أدخل الفكاهة الراقية، ووثّق أحداثا هامة في تاريخ بلدته وعائلته بكل مصداقية وبراعة، فنجح بجذب اهتمام القارئ لتلاقي مقالاته اعجابا كبيرا وانتشارا واسعا. كنت سعيدا بعلاقتي معه، فقد كان يزورني وأزوره ونتبادل الحديث، وفي أوقات مرضه عكفت أنا على زيارته فكان دائما صابرا حامدا يتحلى بالروح المرحة ويطلق النكات ويردد الطرائف النادرة.
يعز علي أن أناديك بضمير الغائب، فُقدانُك أبا الصافي خسارة لمجتمعك، لعائلتك ولي أنا شخصيا، سنفتقدك جميعا وستفتقدك جريدة الحديث كأحد كتابها المهمين، وأحد داعميها، فلم تبخل علينا بالنصائح، وكان يؤلمك جدا أن تسمع عن ظاهرة غير أخلاقية في المجتمع، كنت دائما تحثني لأكتب عن الأخلاق وأوجه الشباب كي يبتعدوا عن مغريات الحياة ويحذروا من الانجراف في طرق الانحراف، من منطلق حبك لمجتمعك واخلاصك لمبادئك. سنشتاق إليك أيها الكاتب الأريب أيها الصديق الأديب، سيبقى طيفك بيننا يطوف، يا من كنت لأسرتك ومجتمعك الواعظ العطوف في جريدة الحديث ستدمع الحروف، وكأنه أصابها الخسوف أو ألم بها الكسوف، سنحني الهامات محليين وضيوف، وسنطيل عند ذكراك الوقوف.
تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح الجنان وألهمنا وذويك الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون، الله يرحمه.