البنات المؤنسات.. بالعربية والفرنسية هذه المرة تقرير: ناجي ظاهر
البنات المؤنسات.. بالعربية والفرنسية هذه المرة
تقرير: ناجي ظاهر
تدُبّ الحركة والحياة رويدًا رودًا في قاعة مبنى المعهد الفرنسي القائم قريبًا جدًا من أحد مقاطع الشارع الرئيسي في مدينتنا الناصرة، على اسم البابا بولس السادس. قبل أيام تلقيّنا دعوة لحضور فعالية او أمسية اجتماعية ثقافية بمناسبة يوم المرأة العالمي. هذه الأمسية، تقام تحت عنوان ” أتيليه نتيوورك”، كما تُعلمنا إدارة المعهد حين دخولنا قاعة معهدها حرصًا على الدقة في التسمية. وتقام في العاشر من آذار الجاري. بعد يومين من يوم عيد المرأة العالمي. أما موضوع الأمسية فقد جاء لافتًا ومثيرًا لكلّ من يهمه أمر التقدم والرقي في مجتمعنا العربي في البلاد عامة. هذا الموضوع هو اللفت إلى أربع فتيات من منطقة المثلث تحديدًا، حقّقن إنجازات تُعتبر مصدر فخر لهن، لأهاليهن وللمجتمع العربي عامة، وذلك في مجالات باتت محبّبة ومقرّبة من القلوب مثل الماكياج السينمائي، الرياضة والفن التشكيلي.
المناسبة بهذا تأتي في غاية الأهمية، لا سيّما وأنها تُسلّط الضوء على طاقات عربية صاعدة، سعت وتسعى لأخذ موقعها اللائق والخاص بها. هذا كله دفعنا لأن نتوجّه إلى قاعة العرض قبل موعدها المُحدّد في السابعة مساء، فندخل القاعة ونتخذ مقاعدَنا وسط قلة من الحضور بينهم اداريو المعهد الفرنسي، المركز الفرنسي سابقا، وعددٌ من الصحفيين الأصدقاء، بينهم الصديق الصحفي زكريا حسن مُحرّر صحيفة “حديث الناس”، ومراسل تلفزيون هلا. كلّ من الحاضرين يتبادل الحيات والمصافحات، هذه مناسبة عزيزة، تجمعنا، مباركة مثل هكذا مناسبة، ويأخذ الجمهور في التوافد، مُظهرًا الفرح خاصة ممن تشعرُ بهنّ من الفتيات المُحتفى بهنّ.. يلفت نظرك أن بعض المشاركات عُرفن من ملابسهن. نقطة أخرى أوصلتنا اليها المتغيّرات العالمة الجارية في شتى بقاع المعمورة. الملابس لافتة ومثيرة وتقول لكلّ مّن يشاهدها إنه إنما يشاهد فنانًا أراد أن يكمون مختلفًا.
يبدأ العرض. افتتاح وكلمات ترحيبية، إدارة المعهد توجّه التحيات إلى جمهور الحاضرين والأهالي الذين رافقوا بناتهن المحتفى بهن. نفهم مما يقال ان القنصل الفرنسي المسؤول الرئيسي في معهد الناصرة وحيفا وغيرهما.. يعتذر عن عدم الحضور لأمر طارئ ويرجو للجميع بمن فيهم البنات المحتفى بهن كلّ خير وتوفيق. مدير المعهد الجديد السيد ارنو، وهو بالمناسبة مُعلّم عمل سابقًا في المعهد ذاته، يُعلن عن سروره بإقامة هذه الأمسية التي تؤكد احتفاءها بعدد من الطاقات النسوية المميزة التي شقّت طريقها إلى القمّة خلال فترة قصيرة، ويقول بوضوح أنا سعيد أن تقام هذه الأمسية الاحتفائية في الأسبوع الثاني لتوليّ إدارة المعهد الفرنسي في المدينة. في الأسبوع الأول، الفائت، تمّ الاحتفال بالفنان المغني بنجامان بيا.. بعد هذه الكلمات المُثيرة لحبّ الاستطلاع، ترتقي المشاركة الأولى جنّات رشيد سعادة، وهي مُصففة شعر وماكياج سينمائي، وصاحبة صالون تصفيف شعر في مدينتها أم الفحم، ترتقي المنصة وتشرع في تقديم نفسها للجمهور المهتم، تقول بابتسامة واثقة إنها تعلّمت مهنتها حبًا وشغفًا، وتشير إلى أنها عملت مع كبار من المخرجين السينمائيين في العديد من الأفلام، كما عملت في الاعداد للعديد من الإعلانات المعروفة والمنتشرة في طول البلاد وعرضها، كما أنها مشاركة فعالة ومعتبرة مع موديلز من دولتشي، جفانا، برادا، فرج، ماستر كلاس، إضافة إلى مشاركة حقيقية في رانوي فاشنتشو في مدينة ميلانو الإيطالية. جنّات تتحدّث عن شغفها بموضع دراستها أولّا وعملها ثانيًا، وتؤكد أنها لن تتوقف عن السعي إلى الأفضل، كما أنها تحلم بالوصول إلى هوليوود، تحقيقًا لذاتها ورغبة منها في المشاركة بالتقدم خطوة إلى جانب أبناء جلدتها في المجال الثقافي والحضاري. وتأتي لحظة التطبيق، عبر تنفيذ عملها أمام جمهور المهتمين. تقول جنّات إنه من المفضّل أن تعتلي المنصة إحدى المشاركات، لأن إعداد الماكياج يحتاج إلى بعضٍ من الوقت والصمت. وهكذا يتمّ ويكون.. تعتلي المنصة الفنانة الشابة، ذات اللباس المُميّز الخاص، والقبعة التي لا تنسى، سمر سلامة وهي مفعّلة أطفال، تحمل لقبًا مُثيرًا هو ملكة الأطفال. سمر متخصّصة بإدارة برامج للأطفال وهي مهرّجة أيضّا. تدير ناديًا رياضيًا تحتن مسمىّ ” سمر فتنس”، وهو مخصّص للنساء من بلدتها قلنسوة ويقدّم خدماته إلى النساء في منطقتها عامة. كما أنها مرشدة غذائية وضاربة أو عازفة إيقاع. سمر ملأي بالطاقة والتفاؤل، لا تفارقُ البسمة وجهها. وهي لا تقلّ عن سابقتها، جنّات، رغبةً وطموحًا. تقول إن السماء هي حدود طموحها!!.. تقول هذا بينما يتابع جمهور الحاضرين تنفيذ جنّات لماكياج سينمائي يحتاج إلى وقت لا بأس به من أجل إتمامه كما يُفترض وكما يليق بالأمسية ومحتواها. بعد ذلك ترتقي المنصّة الفنانة التشكيلية الشابة أيضًا، أفنان عقاد من مدينة جت في المثلث، تقدّم نفسها لجمهرة الحاضرين تقول إنها تعمل أيضًا مصمّمة ، جرافيكية، وتشير إلى أنها شاركت قبل عامين في معرض جماعي عنوانه ” صورة ذاتية”، المعرض أقيم في رام الله بالتعاون فيما بين عدد من الفنانين ومؤسسة القطّان الناشطة في المدينة والبلاد عامة. والمعروفة بأياديها السخيّة الكريمة الدعمة للثقافة والفنون. تعمل أفنان مُدرّسة للفنون في مدرسة القاسمي الابتدائية للفنون في مدينتها باقة الغربية. تُعبر افنان بقوة عن طموحاتها وتطلعاتها الحافلة بالأمل. تليها الفنانة الشابة أيضًا أنغام جبارين، ابنة مدينة أم الفحم، تقول إنها أحبت الفن التشكيلي منذ نعومة أظفارها، وأنها لاقت الكثير من التشجيع من الاهل ومن معلميها خلال مراحل دراستها المختلفة. أنغام تخرّجت من دار المعلمين العرب في حيفا. وقد شاركت حتى الآن في معرضين شكّلا نقطتين مميزتين في حياتها وطموحها غير المحدود. هذان المعرضان أقيما في قرى البطوف وبلداته، أحدهما عام 2022 والآخر بعده بعام مبارك.
تبدو علامات الرضا على وجوه جمهور الحاضرين، الجميع يتبادلون نظرات الرضا، ويعبّر بعضهم عن رضاه، ابنتنا العربية، في منطقة المثلث خاصة، ابتدأت بطرق أبواب العالم بيد واعية متعلمة من الفن، المحبة والطموح اللامحدود. وها نحن نلتقي بأربع ورّدات حقّقن الكثير رغم أنهن مجتمعات ما زلن في العشرينيات من أعمارهن، وما زال العمر امامهن يدفعهن طموح كبير للتقدم والارتقاء والدخول إلى عالم الفن الواسع بخطى ثابتة تدعمها رغبة جامحة.
تفرغ جنّات من اعداد الماكياج السينمائي، بعد أن لفتت أنظار الجميع بحركاتها الرشيقة المدرّبة والعارفة. ليعتلي الفنان عادل زكريا ابن مدبنة الناصرة، مؤسس فرقة الجواهر في الثمانينيات، يرتقي المنصّة، ليقدِّم وصلة غنائية، بالعربية والفرنسية، وصلة تثير الحاضرين، بتركيزها على ” تامي”، أغنية سامي كلارك المشهورة منذ الثمانيات حتى هذه الأيام، والمتغنية بتامي ومواصفاتها الرائعة، وبانتقالها إلى السيارة التي تحتج الى دفشة.. تُفضى بها إلى تحقيق الأهداف.. وإنجاز الاحلام. يلفت النظر هنا، أن جمهرة الحاضرين في مقدمته الفنانات المشاركات ومرافقوهن من الأهالي والأصدقاء الأحباء، يهرعون إلى المساحة الصغيرة في قاعدة المعهد الفرنسي ليهزوا الأرض علها تنطق كما قال أحد شخصيات رواية الكاتب العربي السوري حنا مينة في رواية حملت عنوان “الشمس في يوم غائم”، ويبلغ الاحتفال ذروته بانضمام مدير المعهد الفرنسي وطاقم العاملين فيه إلى الراقصين..